بس.. بس ولا كلمة /كمال الهدي

بس.. بس ولا كلمة /كمال الهدي

تأمٌلات
hosamkam@hotmail.com

قالت
صديقتي اللدودة: غريب يا صديقي إصرار بعض قنواتكم الفضائية على نشر الجهل،
بدلاً من أن تكون أدوات تعين الناس على توسيع المدارك واكتساب الوعي.

سألتها: من قال أنها تنشر الجهل؟

وأضفت:
نحمد الله لدينا قنوات لا هم لها سوى بث المفيد في كل الأوقات، لكنك يا
صديقتي من النوع الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب كما نقول.

سألتني ضاحكة: وماذا عن البرامج المسماة (بـ ) الترفيهية التي تقدمها بعض هذه القنوات؟
أجبتها
سريعاً: قلت بلسانك " البرامج الترفيهية"، ومعنى ذلك أن المقصود منها هو
الترويح عن الناس فلا تثقلي عليهم بآرائك التي أعرفها جيداً.

هزت
رأسها باستياء واضح قبل أن تضيف: ومن قال لكم أن مثل هذه النوعية من
البرامج لا يمكن أن تكون ترويحية إلا إن تضمنت الكثير من الثرثرة التي لا
تصلح إلا تحت ظلال الأشجار.

رجوتها ألا تطيل في الحديث وإن كان لديها ملاحظة محددة أن تبديها بدون مقدمات.

فقالت:مقدمو هذه النوعية من البرامج يطرحون على بعض ضيوفهم من البسطاء أسئلة تفتح المجال لمثل هذه الثرثرة غير المفيدة.

وأضافت:
كثيراً ما سمعت كلاماً خلال مثل هذه البرامج لا يفترض أن يتفوه به صاحبه
على الملأ، لكن ماذا نقول في مقدمي ومقدمات بعض قنواتكم الفضائية الذين
يأتون بضيوف غير قادرين حتى على الونسة العادية.

قلت: مشكلتك يا عزيزتي أنك غير قادرة على التمييز بين ما هو جاد و الدردشة العادية.

قالت:لا
تسيء فهمي يا عزيزي، فقد تابعت خلال شهر رمضان الفائت العديد من الحلقات
بعنوان " نجوم المستديرة" وفي الكثير من تلك الحلقات كنت أشفق على بعض
اللاعبين لعدم قدرتهم على الحديث، ومشكلة المقدمين عندكم أنهم يعتقدون أن
الأسئلة السطحية يجوز طرحها على أي شخص، ناسين أن مثل هذه الأسئلة قد تقود
إلى إجابات مضحكة إن لم يكن الضيف يجيد فن الحديث.

واستطردت
صديقتي: من يطل على الناس عبر الشاشات البلورية يفترض ألا يروج للجهل
والتسطيح وعليه أن يعرف أن ما يصلح للونسة داخل الغرف المغلقة ربما يكون
غير ملائم إن سمعه الناس عبر قنوات فضائية تكلف ساعة البث فيها أموالاً
طائلة.

حاولت تغيير
الموضوع، لكن صديقتي التي تعودت على تكدير مزاجي أضافت: في كل مرة أتابع
فيها واحداً من هذه البرامج أسمع حديثاً لا يفترض أن يقال.. بالأمس القريب
أصغيت لبعض لاعبي الكرة الذين أضاع بعضهم وقتاً ثميناً في كلام ( هايف )
وبمفردات غير لائقة ولم تقابل المذيعة وزميلها كل ذلك سوى بالمزيد من الضحك
وكأن في الأمر ما يروح عن الأنفس.

قلت:
لعلك لم تفهمين ما وراء كلماتهم ولهذا بدا لك ضحكهما في غير محله، لكن
الأكيد أن لاعبي الكرة عندنا ( وناسين ) ويملكون قدرات إضحاك هائلة.

قالت:
ضاحكة حتى لا تتهمني بعدم الفهم أقول لك أنني تابعت قبل هذه الحلقة
برنامجين شبيهين مع لاعبين سابقين وكانت الدردشة التي تعنيها مسلية وخفيفة
ومفيدة في نفس الوقت.

لكن مقدمة برنامج الأمس وزميلها لم يوفقا في اختيار بعض الضيوف، كما فشلا في إدارة الحوار بطريقة معقولة.

وأضافت: هل تصدق يا عزيزي أن المذيعة سألت إعلامياً عن دوره في تسجيلات اللاعبين!

قلت:وما المشكلة في أن تسأل إعلامياً عن دوره في التسجيلات؟ فنحن قد حبانا الله بأشخاص ذوي مواهب متعددة!

قالت:سؤالها
ياعزيزي يقنن لوضع شاذ وغريب فأصحاب الرأي والصحفيين لا يفترض أن يقحموا
أنفسهم في قضايا تسجيلات اللاعبين، وعندما تطرح المذيعة هكذا سؤال على صحفي
فهذا يوحي بأنكم بدلاً من محاربة هذه الظواهر الغريبة تقرونها وتعتبرونها
أموراً طبيعية وهنا تكمن المشكلة.

قلت: وما الغريب في ذلك! فهذا أمر يحدث في كل بقاع الدنيا وليس حكراً علينا نحن.

قالت
بأسى: طالما أنكم تفكرون بهذه الطريقة فثق يا صديقي أن كرة القدم
السودانية ستراوح مكانها لسنوات طويلة قادمة ولن تتقدموا قيد أنملة.

طلبت
منها أن تكف عن التنظير وقلت: سنتطور وسترين كيف سننافس على كأس أفريقيا
في المواسم المقبلة، كما سيكون لنا شأن كبير في نهائيات أمم أفريقيا وربما
نظفر باللقب الأممي، كما سأتصل بك خلال عام أو اثنين لأبلغك ببلوغنا
نهائيات كأس العالم، فلا تحاولي أن تنقلي لي تشاؤمك يا صديقتي.

أطلقت
ضحكة مجلجلة وهي تقول: كأس أفريقيا والأمم ونهائيات كأس العالم مرة واحدة
وإعلامكم منقسم بين ناديين لا ثالث لهما ولا هم لكل معسكر سوى التخريب على
الآخر!!.. بس.. بس .. ولا كلمة.. قالتها وأنسلت سريعاً قبل أن تمنحني
الفرصة للرد.