منتدى شباب السودان المبدع
مرحبا بك ايها الزائر نرحب بك و يشرفنا ان تكون عضوا معنا بتسجيلك


في منتدى شباب السودان المبدع

نتمنا لك زيارة سعيده والمشاركة معنا وتقبل تحيات فريق الادارة
منتدى شباب السودان المبدع
مرحبا بك ايها الزائر نرحب بك و يشرفنا ان تكون عضوا معنا بتسجيلك


في منتدى شباب السودان المبدع

نتمنا لك زيارة سعيده والمشاركة معنا وتقبل تحيات فريق الادارة
منتدى شباب السودان المبدع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


. *”˜.•°*”˜•منتدى••.•°*”˜ شباب السودان ˜”*°•المبدع. ˜”* °•.˜”* صفحتنا. *”˜˜”*°•. ˜”*°••••••°*”˜ .•°*”˜˜”*°•. تضم أفضل الأعضاء *”˜˜”*°•. ˜”*°••••••°*”˜ .•°*”˜˜”*°•.
 
الرئيسيةالأحداثتي في قرانالمنشوراتأحدث الصوردخولالتسجيلالمنتدي الاسلامىموقعنا على الفيس بوك

 

 التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Dr/mohamed
Admin
Dr/mohamed


عدد المساهمات : 397
تاريخ التسجيل : 06/10/2011
العمر : 33

التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي Empty
مُساهمةموضوع: التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي   التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 20, 2011 5:57 pm



التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي


السودان كنموذج


عمار نجم الدين


مقدمة





تركز هذه الورقة على إحدى الظواهر
السياسية الرئيسة في الديمقراطية والإصلاح السياسي
وتهدف أساسا، إلى استعراض الأدبيات التي تناولت هذا الموضوع والمداخل النظرية التي
وظفتها والتفسيرات التي قدمتها بحسبان أن أدبيات الديمقراطية والإصلاح السياسي
متشبعة ومتنوعة وتغطي مواضيع وقضايا متباينة، وبحسبان أن هذه الورقة، بطبيعة
السياق المقدمة فيه، لا تستطيع أن تتناول كل القضايا وجميع المواضيع التي اهتمت
بها هذه الأدبيات، كان من الضروري التركيز على عدد محدود من هذه القضايا والمواضيع
التي يعتقد أنها الأكثر أهمية الا وهي التحول لديمقراطي والإصلاح السياسي.



مثلت عمليات التحول
الديمقراطي الظاهرة الاهم العالمية
ومحلياً الأهم خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين. قبل ذلك، كان هناك عدد قليل
من النظم الديمقراطية في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا والشرق الأوسط. بدلا من
ذلك، كانت الساحة السياسية مليئة بأشكال مختلفة من نظم الحكم غير الديمقراطية التي
تشمل نظماً عسكرية ونظم الحزب الواحد ونظم الدكتاتوريات الفردية الشخصية. في منتصف
سبعينيات القرن العشرين شهد العالم ما أصبح يعرف بالموجة الثالثة للديمقراطية التي
بدأت في البرتغال وأسبانيا واليونان منذ 1974، ثم انتشرت إلى أمريكا اللاتينية
وبعض أجزاء آسيا خلال ثمانينيات القرن العشرين، وامتدت إلى أوربا الشرقية والاتحاد
السوفييتي وبعض أجزاء أفريقيا في أوخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن
الماضي. الملفت للنظر أن منطقة بصفة عامة، والسودان بصفة خاصة ، كان الأقل تأثراً
بهذه الموجة.



أثار هذا التباين في
عمليات التحول الديمقراطي مجموعة من التساؤلات حول العوامل والأسباب التي تجعل هذه
العملية أكثر انتشاراً في بلدان وأقاليم معينة، وأقل انتشاراً في بلدان وأقاليم
أخرى.



للإجابة على هذه
التساؤلات تم تطوير مجموعة من المداخل النظرية التي حاولت تقديم تفسيرات لأنماط
التحول الديمقراطي، وعوامل وأسباب التماثل والتباين في عمليات الديمقراطية في
مختلف البلدان والأقاليم.



من ناحية
أخرى، يبدو من البيانات الإحصائية السياسية أن الديمقراطية ومؤسساتها قد ترسخت في
حوالي ثلث الديمقراطيات الجديدة. فما سبب هذا المعدل المنخفض من تعزيز
الديمقراطية؟ هل يرجع السبب إلى أنه لم يمر وقت كافٍ منذ بدء عملية الانتقال
الديمقراطي؟ يمكن مقارنة هذه الديمقراطيات الجديدة بديمقراطيات جنوب أوربا الثلاثة
- البرتغال، أسبانيا، اليونان- التي استهلت الموجة الثالثة للديمقراطية، فمن
الواضح أن الديمقراطية ومؤسساتها ترسخت في هذه البلدان الثلاثة خلال عقد من انهيار
النظم التسلطية بها. بيد أن هذا المعدل السريع للترسيخ الديمقراطي غير مألوف
تاريخياَ، حتى في ظل ظروف ملائمة. عادة، يتطلب تطوير المؤسسات الديمقراطية وتعزيز
الديمقراطية وقتاً وجهداً كبيراً. على سبيل المثال، ترسخت الديمقراطية في بريطانيا
والولايات المتحدة الأمريكية تدريجياً عبر فترة زمنية طويلة استمرت لعدة عقود .



كانت هناك درجة عالية من الابتهاج
والتفاؤل في أواخر ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن العشرين بأن العالم يشهد
تحولاً حاسماً تجاه الديمقراطية، فبعد عقد من الديمقراطية
السريعة، تباينت آراء الباحثين حول احتمالات وفرص تعزيز الديمقراطية بشكل واسع.
رأى البعض أن هناك أدلة على استمرارية التقدم الديمقراطي في جميع أنحاء العالم،
وعلى ترسيخ الديمقراطية تدريجياً في العديد من الديمقراطيات الجديدة، مدركين في
نفس الوقت بأنها عملية طويلة وشاقة ومحفوفة بالمخاطر والمشاكل
إلا
أن هنالك أدلة على حدوث تقهقر واسع للديمقراطية في العديد من البلدان التي مرت في
الفترات الأخيرة بعمليات انتقال وتحول ديمقراطي، حيث إن الديمقراطية لم تتجذر إلا
في عدد قليل من هذه البلدان. في الواقع، يزعم الباحث السياسي دايموند أن هناك أدلة
عملية قوية ليس عن فشل الترسيخ الديمقراطي فحسب، بل على حدوث أمر أكثر خطورة، بروز
"موجة عكسية" بعيداً عن الديمقراطية وعودة إلى التسلطية .



تحقيقاً للأهداف
المحددة لهذه لهذه الورشة سوف يتم تناول القضايا والمواضيع التالية:




1. بعض المداخل النظرية التي حاولت أن تقدم
تفسيرات لعمليات الانتقال الديمقراطي.




2. العوامل والتغيرات المؤثرة في عملية الديمقراطية.




3. الأنماط والأشكال المختلفة لعمليات
التحول الديمقراطي.



4.
العوامل والمتغيرات
المؤثرة في عملية ترسيخ الديمقراطية



ملاحظات


ينبغي، الإشارة إلى
بعض الملاحظات عند قرأتنا لهذه الورقة :



أولاً:سوف نعمل على مراجعة
الأدبيات العامة حول الديمقراطية



ثانياً:
تستخدم هذه الورقة التحول الديمقراطي والانتقال الديمقراطي كمصطلحات مترادفة،
وتعني عمليات التغير من نظام تسلطي إلى نظام ديمقراطي.



ثالثاً: تستخدم هذه الدراسة
ترسيخ الديمقراطية وتعزيز الديمقراطية وتجذير الديمقراطية كمصطلحات مترادفة، وتعني
المرحلة التي تصبح فيها المؤسسات والممارسات والقيم الديمقراطية ثابتة ومستقرة في
النظام السياسي.















أولاً: المداخل
النظرية لتفسير الديمقراطية






تبين مراجعة الأدبيات
العامة حول الديمقراطية أن هناك ثلاثة مداخل نظرية رئيسة لتفسير عمليات
الديمقراطية وأنماطها والعوامل والمتغيرات المؤثرة فيها.



1. المدخل التحديث، الذي يؤكد على عدد من
المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية لعملية الديمقراطية، ويربط بين الديمقراطية
الليبرالية والتنمية الاقتصادية.



2. المدخل الانتقالي، الذي يركز على العمليات
السياسية وعلى مبادرات وخيارات النخبة لتفسير عملية الانتقال من حكم تسلطي إلى حكم
ديمقراطي ليبرالي.



3. المدخل التكويني، الذي يهتم بأثر تغير تكوين
اوبنية القوة والسلطة على عملية التحول الديمقراطي.



1. المدخل الحديث
للديمقراطية



ظاهريا يبدو أن هناك معقولية ومصداقية
للاتجاه الذي يربط بين الديمقراطية والتنمية الاقتصادية نظرا لأن أغني بلدان
العالم هي بلدان ديمقراطية. ولقد كان آدم سميث، في كتابه ثروة الأمم أول من عبر عن هذا الاتجاه
من خلال دعوته للحرية السياسية باعتبارها شرطا ضروريا للأداء الفعال للسوق الذي
يعتبره محرك النمو الاقتصادي. بالنسبة لآدم سميث، فإن
الحكومة التي تحكم أقل ما يمكن هي أفضل حكومة، فالحد
الأدنى من الحكم يفضي إلى الحرية الفردية والمنافسة والكفاءة وإمكانات النمو
الاقتصادي إلا أن المعالجة العلمية الأكثر دقة وانتظاما فيما يتعلق بالارتباط بين
الديمقراطية والتنمية تبرز من خلال ، ربط الديمقراطية بمستوى التنمية الاقتصادية
والاجتماعية. لإبراز هذه العلاقة، نقوم بتصنيف البلدان الأوروبية والبلدان الناطقة
بالإنجليزية في أمريكا الشمالية وأستراليا إلى ديمقراطيات مستقرة وديمقراطيات غير
مستقرة ودكتاتوريات. وصنف بلدان أمريكا اللاتينية إلى ديمقراطيات ودكتاتوريات غير
مستقرة ودكتاتوريات مستقرة. ثم قام بمقارنة هذه البلدان وفقا لثروتها ودرجة
التصنيع والحضرية ومستوى التعليم باعتبارها مؤشرات للتنمية الاقتصادية
والاجتماعية. وتبين من المقارنة أن البلدان الأكثر ديمقراطية في كلا المجموعتين
كانت تتمتع أيضاً بمستويات تنمية اجتماعية واقتصادية أعلى من البلدان الدكتاتورية.
استنادا على ذلك، ونفترض وجود تطابق بين التنمية الاقتصادية وبين النظام
الديمقراطي. كان هذا التطابق نتاجا لعدة متغيرات
اجتماعية. عليه فإن التنمية الاقتصادية ترتبط بازدياد
التعليم والاتجاه نحو مزيد من المشاركة، كما أنها تخفف من حدة التفاعلات السياسية
وتخلق مصالح متقاطعة وانتماءات متعددة تعمل على
تسهيل بناء الإجماع الديمقراطي والاستقرار السياسي. أخيرا فإن التنمية الاقتصادية
ترتبط بنمو وحيوية الحياة الترابطية والمجتمع المدني .



لا بد ان نعلم ان
هنالك ارتباط واعتماد متبادل بين الديمقراطية والتنمية وان هنالك ارتباطا عاليا بين مؤشر الاستقرار
السياسي "وبين مجموعة مؤشرات للتنمية وهى" تطور وسائل الاتصال والحضرية
والتعليم والتصنيع".



من ناحية أخرى
التأثير الإيجابي للديمقراطية على التنمية الاقتصادية وجود نظام ديمقراطي يضمن
خضوع الحاكمين للمساءلة أمام المحكومين مما يحفزهم على تخصيص الموارد بكفاءة
وفعالية لضمان استمراريتهم في الحكم. وفي إطار مشابه في
فترة مبكرة أن الديمقراطية تضمن قيام الحكام بتوظيف الموارد بالطريقة التي تحقق
النمو والإنتاج الأمثل. أن النظام الديمقراطي
يلزم الحكام بتجنب السعي نحو تحقيق مصالح ذاتية أنانية وفساد مالي واداري ويفرض
عليهم وضع السياسات العامة التي تحقق وتخدم المصلحة العامة ضمنا لاستمرار التأييد
والقبول الشعبي.



من ناحية أخرى،
هنالك
احتمالية الارتباط المتزامن بين التنمية الاقتصادية وبين الحرية، فان الحرية على
الدوام تفضي إلى تنمية اقتصادية أكبر والتي تؤدي بالتالي إلى المزيد من الحرية، وأنه بغض النظر عن كيفية قياس الحرية وبغض النظر عن كيفية تعريف النمو،
فإن هناك علاقة إيجابية وقوية بين الاثنين الحرية والتنمية الاقتصادية .



2. المدخل الانتقالي


أن الارتباطات بين التنمية الاجتماعية والاقتصادية وبين الديمقراطية ليست
مدفوعة أساساً بالاهتمام بالعوامل التي تؤدي إلى استمرارية وترسيخ الديمقراطية.
بيد أنه يجب ان نصل إلى كيفية تحقيق الديمقراطية في المقام الأول.



النوع الأخير من التساؤلات والاهتمامات يتطلب مدخلاً تطورياً تاريخياً
يستخدم منظوراً كلياً لدراسة حالات مختلفة بحسبان أن ذلك يوفر أساساً أفضل للتحليل
من مجرد البحث عن الشروط والمتطلبات الوظيفية للديمقراطية. ، استناداً على تحليل
تاريخي للوضعية السودانية ومساراً عاما تتبعه كل البلدان خلال عملية الديمقراطية،
ويتكون هذا المسار من أربعة مراحل أساسية:



أولاً: مرحلة تحقيق الوحدة الوطنية، والتي
تشكل خلفية الأوضاع ، ولا يعني بتحقيق الوحدة الوطنية توافر الإجماع والاتفاق العام، بل مجرد بدء تشكل
هوية سياسية مشتركة لدى الغالبية العظمى من المواطنين.



ثانياً: يمر المجتمع القومي بمرحلة إعدادية
تتميز بصراعات سياسية طويلة وغير حاسمة، على شاكلة الصراع الناجم عن تزايد أهمية
نخبة صناعية جديدة خلال عملية التصنيع تطالب بدور وموقع مؤثر في المجتمع السياسي
في مواجهة النخب التقليدية المسيطرة التي تحاول المحافظة على الوضع القائم. ورغم
اختلاف التفاصيل التاريخية لحالات الصراع من بلد لآخر، فإن هناك دائماً صراعاً
رئيساً وحاداً بين جماعات متنازعة. أي أن الديمقراطية تولد من رحم الصراع، بل وحتى
العنف، وليست نتاجاً لتطور سلمي. وهذا ما يفسر إمكانية هشاشة الديمقراطية في
المراحل الأولى، وعدم استطاعة العديد من البلدان تجاوز المرحلة الإعدادية إلى
مرحلة الانتقال والتحول المبدئية. قد يكون الصراع حاداً بالدرجة التي تؤدي إلى
تمزيق الوحدة الوطنية، أو أن يؤدي إلى تزايد قوة إحدى الجماعات بالدرجة التي
تمكنها من التغلب على قوى المعارضة وإنهاء الصراع السياسي لصالحها وسد الطريق أمام
التحول الديمقراطي.



ثالثاً: تبدأ عملية الانتقال والتحول المبدئي
في المرحلة الثالثة وهي مرحلة القرار وهي لحظة تاريخية تقرر فيها أطراف الصراع
السياسي غير المحسوم التوصل إلى تسويات وتبني قواعد ديمقراطية تمنح الجميع حق
المشاركة في المجتمع السياسي مثلما حدث في نيفاشا عام 2005 وما يجري الان في
محادثات ابوجا بين الحركات المسلحة والحكومة السودانية .



رابعاً: تأتي عملية الانتقال والتحول الثانية
خلال المرحلة الرابعة، مرحلة التعود . يرى أن قرار تبني القواعد الديمقراطية خلال
"اللحظة التاريخية" قد يكون قراراً ناتجاً عن أحساس أطراف الصراع غير
المحسوم بضرورة التوصل إلى تسويات وحلول وسط، وليس ناتجاً عن قناعة ورغبة هذه
الأطراف في تبني القواعد الديمقراطية. بيد أنه، وبصورة تدريجية ومع مرور الوقت،
تتعود الأطراف المختلفة على هذه القواعد وتتكيف معها. قد يقبل الجيل الأول من
أطراف الصراع القواعد الديمقراطية عن مضض وبحكم الضرورة، إلا أن الأجيال الجديدة
من النخب السياسية تصبح أكثر تعوداً وقناعة وإيماناً بالقواعد الديمقراطية. وفي
هذه الحالة يمكن القول إن الديمقراطية قد ترسخت في المجتمع السياسي وهذا متوقع
حدوثه في السودان خلال الثلاثة عقود القادمة ويمكن ان ينتج عنها وحدة وطنية على
اسس وشروط جديده .



قام العديد من العلماء المهتمين بتفسير عمليات الديمقراطية
بتطوير المدخل



بين مرحلة الانتقال والتحول المبدئي من الحكم التسلطي (أي الحرية السياسية)
وبين مرحلة ترسيخ الديمقراطية الليبرالية. ويرجع ذلك إلى أن عمليات الانتقال
المبدئية قد تنجح أحياناً وتترسخ، ولكنها قد تفشل وتتعثر في أحيان أخرى.



تبدأ عملية الحرية السياسة داخل نظام الحكم التسلطي بتخفيف عمليات القمع
والسماح ببعض الحريات المدنية. إلا أن هذه التحركات لا تؤدي، بالضرورة، إلى تحقيق
الديمقراطية. فقد يتم إجهاض عمليات الحرية الفردية ويعود الحكم القمعي من جديد.
بيد أنه ما أن تكتسب عملية الحريات دفعا وزخماً قوياً وجاداً ينخرط العديد من
الفاعلين السياسيين في التفاعل التاريخي بين نظام الحكم وقوى المعارضة. بحسبان
وجود متطرفين ومعتدلين داخل النظام التسلطي وبين المعارضين، فإن طبيعة التفاعل
وشكله يؤثر على مسار ونواتج عملية الانتقال والتحول الديمقراطي. وتبين الأدلة في
السودان أن احتمال نجاح عمليات التحول الديمقراطي والسلام يتعزز إذا كانت هذه العمليات تحت سيطرة تحالف من
المعتدلين في الجانبين.



خلال المرحلة الرابعة (مرحلة التعود)، تتضمن عملية الانتقال الثانية
من حكومات مؤقتة وحرية سياسية مبدئية إلى ترسيخ ديمقراطية تامة على كافة المستويات
اجتماعية وسياسية وثقافية ويلعب الفاعلون السياسيون الملتزمين بالديمقراطية دوراً
حاسماً وجوهرياً لنجاحها خلال هذه المرحلة أيضاً. وعلى الرغم من أنهم يشكلون
دائماً أقلية، فإن هناك عوامل معينة تتظافر لصالحهم. من أهم هذه العوامل، أن
أغلبية المواطنين، حتى وإن لم تكن ملتزمة بالديمقراطية بالضرورة، لا تريد عودة
النظام التسلطي الذي كانت ترزح تحته. هذا إلى جانب أن الخطاب السياسي التسلطي أضعف
إيديولوجياً من الخطاب الديمقراطي عالمياً. بفضل هذه المزايا، يمكن للنخبة
الديمقراطية القليلة العدد أن تقود المجتمع السياسي إلى ترسيخ الديمقراطية إذا
استطاعت أن تقوم بتحييد الفاعلين ذوي التوجهات التسلطية المتطرفة، وتشجيع
التفضيلات والممارسات المتوافقة مع الأداء الديمقراطي، وزيادة عدد الفاعلين
الديمقراطيين، وإعطاء أولوية للإستراتجية التي تضمن عدم تسهيل عودة الحكم التسلطي
على أية استراتجيات أخرى (بما في ذلك التنافس فيما بينها).



3. المدخل التكويني الديمقراطي


تستند تفسيرات المدخل التكويني الديمقراطي على عمليات التغير التاريخي
الطويلة المدى. إلا أن هذا المدخل، وبخلاف المدخل الانتقالي، لا يفسر عمليات
التحول الديمقراطي من خلال دور وفعل النخب السياسية، بل يفسرها وفقاً لفكرة ومفهوم
"بنى القوة والسلطة المتغيرة".



توجد في جميع المجتمعات العديد من أنواع السلطة والقوة تعمل على تقييد سلوك
الأفراد والنخب في المجتمع وتشكيل تفكيرهم. وتوجد بنى السلطة والقوة بصورة مستقلة
عن الفرد، تقيد نشاطاته وتتيح له بعض الفرص في الوقت نفسه. من ناحية أخرى، فإن
الفرد جزء من تلك البنى الموروثة من الماضي ويساهم، مع الآخرين، في استمراريتها.



يستند الافتراض الأساسي للمدخل لتحليل بنية السلطة أن التفاعلات المتغيرة
تدريجياً للبنية السلطة والقوة - اقتصادية، اجتماعية، سياسية- تضع قيوداً وتوفر
فرصاً تدفع النخب السياسية وغيرهم، في بعض الحالات، في مسار تاريخي يقود إلى
الديمقراطية ، بينما في بعض الحالات الأخرى، قد تقود علاقات وتفاعلات بنى السلطة
والقوة إلى مسارات سياسية أخرى. وبحسبان أن بنى السلطة والقوة تتغير تدريجياً عبر
فترات تاريخية طويلة .



. خمسة اشتراطات عامة للتنمية الديمقراطية


1. تطور حالة توازن للحيلولة دون وجود دولة قوية أكثر من اللازم، ودون نمو مجموعة
أثنية أو ثقافية أو دينية مالكة للسلطة وجعلها مركزية .



2. التحول نحو شكل مناسب من الاقتصاد الانتاجي التنموي الزراعي و التجاري
والصناعي بدلاً من الاقتصاد الريعي الاستهلاكي والذي يعتمد على عائدات النفط
والضرائب والجبايات وغيرها من الاشكال غير التنموية .



3.
إضعاف تسلط الثقافة المركزية والتوجه نحو تشجيع التعدد
ثقافي والسياسي .



4.
الحيلولة دون بناء تحالف بين النخبة الفاسدة على مستوى
السلطة والرأسماليين الطفيليين.



5. انفكاك فوري عن الماضي الذي شكل كل الظلامات التاريخية والتوجه نحو صياغة
هوية وطنية جديدة قائمة وفق شروط تتيح للآخرين غير المحتكرين للسلطة والثروة
التواجد في الحكم بصورة فاعلة وعادلة.



.


ثانياً: العوامل المؤثرة في عملية الديمقراطية





على الرغم من أن كل مدخل من المداخل الثلاثة يستند على عدد متباين من
العوامل المترابطة لتفسير حدوث عملية الديمقراطية في بعض البلدان وعدم حدوثها في
بلدان أخرى، فإن المداخل الثلاثة تتفق في تحديد مجموعة من العوامل التفسيرية
المشتركة، ولو بطرق مختلفة:



1. التنمية الاقتصادية


تشير مختلف تفسيرات الديمقراطية إلى التنمية الاقتصادية باعتبارها عاملاً
تفسيرياً مهماً لان الارتباطات بين التنمية الاقتصادية وعملية التحول الديمقراطي
مهمة للغاية والتي هي تنمية الإنسان
ثقافيا واقتصاديا،و تشكل بصورة جوهرية المسار التاريخي الذي تتخذه البلدان
المختلفة تجاه الديمقراطية أو تجاه أي شكل سياسي آخر. أما من وجهة نظر اخرى فإن
التنمية الاقتصادية تمثل الدافع لتحركات النخب المتنافسة لصياغة تسويات ديمقراطية.
كذلك، فإن المداخل الثلاثة تقر بأن الأزمات الاقتصادية، على شاكلة ما حدث في أوربا
في فترة ما بين الحربين العالميتين في القرن العشرين، قد تقوض الديمقراطية
الليبرالية، وأن التخلف الحاد، كما في حالة أفريقيا جنوب الصحراء، لم يشكل سياقاً
مشجعاً للديمقراطية ونجد ان السودان اوضح دليل على ذلك فالدائرة الشريرة
(ديمقراطية دكتاتورية الخ ) ظل يدور فيها لاكثر من خمسة عقود فكانت سبباً اساسياً
للتخلف التنموي الذي ظل يرزح تحت نيره منذ الاستقلال وحتى اليوم وحروب منذ عام
1955 .



2. التقسيمات الاجتماعية


وفقاً للمدخل التحديثي ومدخل البنية الديمقراطية ، تؤدي التنمية الاقتصادية
التراتيبة الاجتماعية و الثقافية في المجتمع، الأمر الذي يمثل عاملاً مهماً في تفسير
لماذا تتجه بعض البلدان نحو الديمقراطية بينما لا يفعل البعض الآخر ذلك. يقر ليست
بأن التنمية الاجتماعية والاقتصادية تؤدي إلى نمو الفئات المهمشة التي يمكن أن
تكون قيمها مؤيدة للديمقراطية. ونجد أن التنمية الاقتصادية تنتج اهتمام المهمشين
اقتصادياً وسياسياً وثقافياً بعملية الديمقرايطة فإن المدخل الانتقالي يهتم
بالصراع السياسي غير المحسوم بين المركز والهامش على مستوى السودان كأمثال وتأثيره
على المسار الديمقراطي بيد أنه لا يمكن لأية مجموعة ثقافية مهمشة لم تنل قسطاً من
التنمية العادلة أن يكون لها نفس الاهتمام والمصلحة في الديمقراطية وذلك لعدم
اقتناعها اصلا بوجود ديمقراطية في ظل مجموع التهميش لذا من المهم إدراك وتقدير أن
موقف أية مجموعة تجاه الديمقراطية في أي بلد يتأثر بعلاقاتها الخاصة مع المجموعات الأخرى
او الاخرى، مما يعني ضرورة تحليل تغيرات البنية الاجتماعية الثقافية ككل، وليس
التركيز علىثقافة مركزية بعينها.



لا تمثل التقسيمات الإثنية والجندرية والقبلية واللغوية والدينية والثقافية
وحسب عدم المساوأة الاجتماعية وحسب ولكن ايضا ًالتقاسيم الطبقية في بعض بلاد
العالم حيث إن التفسيرات المختلفة
للديمقراطية نشير أيضا إلى الأشكال الديمقراطية للعملية السياسية تستند على مبدأ
السيادة الشعبية أو القبول الشعبي، يصبح التساؤل حول ماهية الشعب تساؤلاً مهماً
جداً. فعندما تكون الانقسامات الطبقية أو الإثنية أو القبلية أو الدينية أو
الثقافية حادة وعميقة وعنيفة، فلن يكون هناك معنى للهوية السياسية المشتركة،
وبالتالي تصبح عملية الديمقراطية أمراً مستحيلاً كما زكرنا سابقا ولناخذ اشكال
جنوب السودان جبال النوبة ودارفور وجبال النوبة
كمثال فالإحساس بحد أدنى من الهوية الوطنية المشتركة يمثل الأوضاع الخلفية
التي تتأسس عليها المراحل الأخرى في عمليات التحول الديمقراطي.









3. الدولة والمؤسسات السياسية


تمثل القوة العامة للدولة في علاقاتها بالتقسيمات الاجتماعية والمجتمع
المدني عاملاً تفسيرياً مهماً بالنسبة لجميع المداخل النظرية للديمقراطية وتتميز
مسارات الديمقرايطة، بحالات من توازن القوة بين الدولة والمجموعات المستقلة
نسبياً، فالدولة ليست قوية جداً بالدرجة التي تجعلها تسيطر على والمجموعات التابعة
من جانب، كما أنها ليست ضعيفة جداً بالدرجة التي تجعلها أداة للمجموعة المهيمنة
بين السلطة والثروة من جانب آخر. ولذلك نجد أن الهيمنة المطلقة للدولة على المجتمع
المدني مؤشر سلبي للديمقراطية فلقد أدى هذا النوع من هيمنة الدولة إلى انهيار
الديمقراطية في آسيا أفريقيا وأماكن أخرى . ويرجع ذلك إلى أنه في البلدان ذات
المستويات التنموية المنخفضة تسيطر الدولة او المنتمين ايدلوجياً ومصلحياً مع
الدولة على معظم الفرص الاقتصادية المهمة (الوظائف، العقود، الرخص، المنح
التعليمية، هبات التنمية) بعكس الدولة في البلدان ذات المستويات التنموية المرتفعة
وتؤدي هذه السيطرة إلى عرقلة النمو الاقتصادي بسبب تقليص منافسة القطاع الخاص،
وينتشر العنف والتزوير خلال الانتخابات بسبب الامتيازات الضخمة الناتجة عن الفوز
فيها، ويصبح الفساد السياسي والنشاط الريعي الأدوات الرئيسة للحركية الاجتماعية
والاقتصادية، وتتعرض جميع الأنشطة الاقتصادية تقريباً لتدخل الدولة وسيطرتها. ولقد
نتج عن ذلك بروز اقتصاد مسيس حيث يكون الكسب الاقتصادي الفردي نتاجاً للوصول للسلطة
والقوة السياسية، وليس نتيجة لزيادة الإنتاجية والكفاءة، الأمر الذي يزيد من
احتمالات عدم المساواة والتوتر الحاد بين الطبقات والجماعات الإثنية والإقليمية
والدينية وغيرها. خلاصة القول، عملية الديمقراطية تتضمن تفكيك الدولة المتضخمة
المسيطرة لصالح إفراد أو جماعة أيدلوجية أو ثقافية أو طبقية وتحويلها من تلك
الحالة الى حالة دولة الكل ثقافيا وسياسياً وتنموياً .



من ناحية أخرى، سوف نتعرض للمؤسسات السياسية الوسيطة كعوامل تفسيرية، مثل
المجالس التشريعية والمؤسسة العسكرية ونظم الانتخابات التنافسية وبنية النظم
الحزبية ومنظمات المجتمع المدني، بحسبان أن طبيعة التفاعل بين هذه المؤسسات،
وبينها وبين الدولة تساعد في تفسير كيفية
تشكيل المؤسسات للنواتج السياسية الناجمة عن علاقات متشابهة للدولة والبنية
الطبقية والسياسية والثقافية والاثنية في
بلدان مختلفة.









4. المجتمع المدني ودوره في التحول الديمقراطي


يدخل المجتمع المدني كعامل تفسيري لعملية الديمقراطية عبر علاقته بالدولة
وتكوينها. ويلعب المجتمع المدني التعددي والنشط دوراً مهماً في موازنة قوة الدولة،
كما أنه يمكن أن يكون حائلا أمام عودة التسلطية وعاملاً حيوياً في تعزيز الديمقراطية
والحريات والمحافظة عليها. ولقد كان انبعاث المجتمع المدني عاملاً حاسماً في تفسير
عمليات الانتقال من التسلطية إلى الديمقراطية السياسية في جنوب أوربا وأمريكا
اللاتينية. كما أدى نمو وتطور العديد من الجماعات والحركات الاجتماعية المستقلة -
الطلاب، النساء، نقابات العمال، ، المستهلكون، أنصار البيئة، الجماعات القبلية،
الفلاحون، المهنيون- في أوربا الشرقية والاتحاد السوفييتي السابق وبعض أجزاء آسيا
وأفريقيا إلى تنامي عمليات الديمقراطية. وعادة ما يتضمن نمو المجتمع المدني وجود
إعلام مستقل يمكن أن يشكل ضغطاً على الدولة التسلطية. و تساهم التنمية الاجتماعية
والاقتصادية في نمو المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم بحسبان أنها تؤدي إلى
تركز السكان في مناطق حضرية وانخراطهم في شبكات تفاعل أوسع وأكثر تنوعاً، وإلى
انتشار التعليم والمعرفة و الدخل والموارد التنظيمية الأخرى عبر قطاعات واسعة من
السكان، مما يؤدي إلى تزايد احتمالات تحدي قطاعات المجتمع المختلفة لنظم الحكم
التسلطية.



وفي السودان نجد أهمية نمو المجتمع المدني كقوة موازنة مهمة للدولة يجعلنا نفهم كيف يستطيع المجتمع المدني، بوصفه نتاجاً
فرعياً للتنمية الاقتصادية والبشرية، أن يعزز القدرات التنظيمية للمجموعات المهمشة
، وبالتالي تغيير توازن القوة في بنية المجموعات المهمشة ، بمعنى أن نمو المجتمع
المدني في حد ذاته أقل أهمية من تأثير ذلك النمو على تفاعلات هذه المجموعات ،
وبالتالي تأثيره على احتمالات عملية الديمقراطية والسلام بصورة ايجابية.



5. الثقافة السياسية


من الجلي أن احتمالات الديمقراطية تزداد في البلدان التي تكون فيها الثقافة
السياسية مؤيدة للديمقراطية. مع ذلك، فإن هناك، من الناحية الفعلية، خلافات نظرية
حول دور الثقافة السياسية في تفسير عمليات الديمقراطية أكثر من الخلاف حول دور
العوامل التفسيرية الأخرى.



وتمثل والثقافة السياسية متغيراً تفسيرياً
مركزياً، فلقد اثبتت العديد من الدراسات الميدانية وأبحاث المسوح التي اكتشفت وجود
ارتباطات إحصائية قوية بين مستوى التعليم وبين الالتزام بقيم الديمقراطية
والمشاركة والتسامح والاعتدال.



6. التفاعلات الدولية


تهتم جميع تفسيرات الديمقراطية بما يجري في النظام الدولي خارج حدود
الدولة. ويشمل ذلك التفاعلات الدولية مثل التحالفات العسكرية والحروب والعلاقات
الدبلوماسية وأنشطة المؤسسات ما بين الحكومية والأمم المتحدة والمصرف الدولي
وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية. من ناحية أخرى، وبصورة متميزة، تهتم
المداخل التفسيرية للديمقراطية بالتفاعلات عبر القومية، أي العلاقات بين المجتمعات
ضمن أنواع مختلفة من الفضاءات السياسية، منها العمليات الاقتصادية والمالية
العالمية والإعلام العالمي وشبكات الاتصال العالمية. تتضمن هذه التفاعلات أيضاً
تحالفات عالمية بين المنظمات غير الحكومية، حيث يوجد عدد كبير من التجمعات
العالمية للمنظمات غير الحكومية مثل منظمة السلام الأخضر ومنظمة العفو الدولية
والصليب الأحمر والمجلس العالمي للكنائس وغيرها، ويتعين على أي تفسير لعمليات
الدمقرطة أن يأخذ في الاعتبار السلوكيات الدولية وعبر القومية الناتجة عن هذه
التفاعلات السياسية العالمية. لقد أدت العلاقات الاقتصادية الدولية وعبر القومية
بين البلدان الصناعية المتقدمة وبلدان أمريكا اللاتينية التابعة إلى تأخير عملية
التصنيع في أمريكا اللاتينية وإلى عدم نمو الطبقة العاملة الحضرية، مما أدى إلى
إضعاف القوى المؤيدة للديمقراطية. كذلك، قد تؤدي الحرب إلى فرض الديمقراطية على
البلدان المهزومة في بعض الحالات، وقد تؤدي، من ناحية أخرى، إلى تعزيز جهاز الدولة
في مواجهة القوى الطبقية والاجتماعية مما يهدد عملية الديمقراطية.



تمثل الضغوطات الدولية المناصرة للديمقراطية عاملاً تفسيرياً مهماً، فلقد
بدأت الأطراف الخارجية القوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمصرف الدولي في
تشجيع الديمقراطية في آسيا في ثمانينيات القرن العشرين (بعكس تجاهلها لذلك الأمر
في العقود السابقة لذلك). ولقد أدى ذلك إلى الضغط على نظم الحكم التسلطية المعتمدة
على هذه الأطراف الخارجية لتوفير القروض والإعانات والتبادلات التجارية.















ثالثاً: أنماط عمليات
التحول الديمقراطي






تؤثر العمليات
والتفاعلات والعوامل والقوى السياسية على حركية التحول الديمقراطي، وعلى أنماط
عمليات الديمقراطية، في مختلف البلدان التسلطية. بحسبان أن عمليات التحول
الديمقراطي قد اتخذت مسارات مختلفة بإختلاف النظم التسلطية، يتعين الاهتمام بكيفية تأثير خصائص النظم التسلطية على عمليات الانتقال
إلى الديمقراطية، وتفسير كيفية تأثير إختلاف أشكال هذه النظم على المسارات التي
اتخذتها.



تصنف الأدبيات النظم
التسلطية إلى نظم الدكتاتورية الفردية أو الشخصية ونظم الحزب الواحد والنظم
العسكرية. في النظم العسكرية، يحدد مجموعة من الضباط من يحكم ويمارسون نفوذاً
كبيراً على محتوى واتجاه السياسة العامة. أما في نظم الحزب الواحد، فيهيمن حزب
واحد على المناصب السياسية ويسيطر على عملية تحديد محتوى واتجاه السياسة العامة.
وتختلف النظم التسلطية الفردية (الشخصية) عن هذين النظامين في أن الوصول إلى
المناصب السياسية والامتيازات التي تتضمنها يعتمد، إلى حد كبير،
على ما يقرره الحاكم الفرد. قد يكون هذا الحاكم ضابطاً عسكرياً أو أن يكون زعيماً
لحزب سياسي. إلا أن القوات المسلحة والحزب الواحد لا يملكان سلطة مستقلة لاتخاذ
القرار وتحديد مسار السياسة العامة بمعزل عن أهواء الحاكم الفرد.



أحد أهم الأسباب التي
تجعل من الصعب تفسير عمليات التحول الديمقراطي في النظم التسلطية أن هذه النظم
تتفكك بطرق مختلفة. نظراً لأن النظم التسلطية تختلف عن بعضها البعض بنفس درجة
إختلافها عن النظم الديمقراطية، فإن هذه الاختلافات تؤدي إلى التأثير على كيفية
وسرعة ونمط انهيارها وتحولها. إنها تعتمد على جماعات مختلفة لشغل المناصب
السياسية، وتستند على تأييد قطاعات مختلفة من المجتمع، كما أن لها إجراءات مختلفة
لاتخاذ القرار، وأشكال متباينة من التنافس والانقسام الداخلي، وطرق مختلفة لاختيار
القادة وتحديد كيفية استخلافهم، وأساليب متنوعة للاستجابة للمطالب والمعارضة الشعبية.



يتطلب فهم العمليات
والتفاعلات السياسية في النظم التسلطية التركيز على الصراعات والعلاقات داخل
الجماعات التي يتكون منها النظام التسلطي: ضباط القوات المسلحة، كوادر الحزب
الواحد، الزمر المحيطة بالحاكم الفرد، أو أي مزيج من هذه العناصر. في كثير من
الأحيان، تتم معظم العمليات والتفاعلات السياسية - أي الصراع على السلطة وتوزيع
الغنائم وتحديد محتوى واتجاه السياسة العامة- داخل الجماعات الحاكمة ذاتها. من
ناحية أخرى، يتأثر النظام التسلطي، بصورة حاسمة أحياناً،
بالتحديات التي تأتي من خارج التحالف الحاكم، الداخلية منها والخارجية)






اربعة أشكال لعملية
التحول الديمقراطي في النظم التسلطية:



1. التحول يحدث عندما
تتم عملية الانتقال الديمقراطي أساساً بمبادرات من النظام التسلطي ذاته، وبدون
تدخل من جهات أخرى.



2. ، عندما تتم عملية التحول الديمقراطي أساساً عن
طريق مبادرات مشتركة بين النخب الحاكمة والنخب المعارضة.



3. الإحلال عندما تنتج
عملية الديمقراطية أساساً عبر الضغوط والمعارضة الشعبية.



4. التدخل الأجنبي عندما
تحدث عملية الدمقرطة نتيجة لتدخلات وضغوطات أطراف أجنبية.



1. التحول الديمقراطي


عادة ما يكون التحول
عملية طويلة نسبياً، وتحدث عندما يقرر نظام الحكم التسلطي، وبدون ضغوطات قوية من
قوى المعارضة أو من المجتمع ككل، وبعد جدل داخلي، أن من مصلحته إدخال تغييرات
وإصلاحات سياسية. قد يؤدي هذا النمط من عملية الديمقراطية إلى احتفاظ القوات
المسلحة بحق الاعتراض (الفيتو) على الترتيبات السياسية المستقبلية وإيقافها. وفي
أحسن الأحوال، تتمثل النتيجة الأكثر احتمالاً لهذا الشكل من التحول الديمقراطي في
قيام ديمقراطية محدودة تتميز باستمرار الهيمنة السياسية لعدد صغير نسبياً من
النخب، وغالباً ما تحتفظ النخب المسيطرة في النظام التسلطي بسيطرتها على السلطة
والقوة في الترتيبات الجديدة. ولقد كان ذلك النمط الغالب لعمليات الانتقال
الديمقراطي في العديد من بلدان أمريكا اللاتينية وبعض البلدان الآسيوية.



الأمر الجوهري في هذا
النمط من عملية الانتقال الديمقراطي أن الحكام التسلطيين لا يتنازلون طوعاً عن
السلطة والقوة، كما أنهم غبر مستعدين، بصفة عامة، لتعديل نظام الحكم إذا كان ذلك
يهدد سيطرتهم على السلطة. الأهم من ذلك، إن القرارات المتعلقة بتبني المؤسسات
الديمقراطية الأساسية يتخذها المسيطرون على السلطة مدفوعين أساساً بمصالحهم
الخاصة، الشخصية والجماعية.









2. نمط التحول الإحلالي





يستند هذا النمط على
الدور الذي تلعبه النخب السياسية داخل النظام التسلطي وخارجه في عملية التحول
الديمقراطي. أن "الاشتراط المطلق الوحيد للتحول الديمقراطي (والفرض الخارجي)
التزام النخبة الإستراتجية بعملية الديمقراطية.." ان الدور المهم للابتكار السياسي والمهارة
القيادية للنخب السياسية في عملية الانتقال الديمقراطي .ويركز المدخل الانتقالي على دور النخبة الإستراتجية عندما تدرك
النخبة الحاكمة والنخبة المعارضة أن لها مصلحة مشتركة في التحرك في مسار يؤدي إلى
ديمقراطية ، وعادة ما يكون الهدف من هذا التحرك حل خلافات النخب وتدعيم نفوذها
وتوجيه الفعل السياسي بما يلائم مصالحها.



يتمثل
العامل الحاسم لإنجاح عملية التفاوض في
تنسيق جهود العناصر الإصلاحية داخل النظام التسلطي والعناصر المعتدلة بين قوى
المعارضة وقدرتها على الوصول إلى اتفاق عام حول نتائج محددة. من الضروري في هذا
النمط ألا تتعرض مواقع النخب المهيمنة فيمثل ، من المهم، لضمان الاستقرار السياسي
بعد المرحلة الانتقالية، دمج النخب ضمن إطار مستقر من المؤسسات الديمقراطية
الفعالة التي لا تهدد مصالح هذه النخب، لأنه إذا لم تشعر النخب بأن النظام الجديد
يحمي مصالحها، فإنها لن تقبل شرعيته وسوف تبذل ما في وسعها لتقويضه.



مثلما هو الحال
بالنسبة للنمط التحولي، فإن الخيارات التي يقوم بها الفاعلون السياسيون
الأساسيون جوهرية ومهمة في نمط التحول الإحلالي، ولنفس الأسباب، أي ضمان أن
الترتيبات السياسية الجديدة تعمل لصالح النخب الحالية، داخل النظام وخارجه. من
ناحية أخرى، فإن قدرة النظام التسلطي القائم على التحكم في عملية الانتقال في نمط
التحول الإحلالي أقل من قدرته في النمط التحولي. وفي الوقت الذي قد تتباين طبيعية
الاتفاقات والمواثيق بين النخبة الحاكمة والنخبة المعارضة، فإنها تعكس دائماً
تسويات مستقرة وثابتة نسبياً بين النظام التسلطي والمعارضة. ويتم التعبير عن هذه
التسويات في شكل مؤسسات وترتيبات سياسية تسمح لنخب النظام التسلطي بالاحتفاظ بدرجة
كبيرة من القوة والسلطة ضمن إطار الحكم الديمقراطي الجديد. في الواقع، غالباً ما
تتعاون النخب في الديمقراطيات الجديدة من أجل ضمان أكبر مصلحة خاصة ممكنة، مما
يعني أنه حتى إذا انتقلت القوة والسلطة إلى مجموعة مختلفة من النخب، فإن بنية
القوة والسلطة السابقة تستمر، وبصورة مهمة، في تشكيل محتوى واتجاه عملية الترسيخ
الديمقراطي.



عادة ما يكون الحافز
الرئيس لهذا النمط من عملية الانتقال الديمقراطي بروز دلائل على تدهور سلطة النظام
التسلطي وتحرك قوى المعارضة لاستغلال هذا التدهور. بحسبان أن النخب المعارضة لا
تتمتع بالقوة الكافية التي تمكنها من فرض التغييرات التي ترومها، وبحسبان أن سلطة وقوة
النظام التسلطي قد تدهورت بالدرجة التي لا تمكنه من قمع المعارضة بصورة حاسمة،
يدرك المصلحون داخل النظام التسلطي، والمعتدلون بين قوى المعارضة، أنه لا سبيل
للخروج من الأزمة إلا عبر التفاوض والتوصل إلى تسويات وترتيبات تضمن استقرار
النظام، وتضعه على مسار الديمقراطية، وتحمي مصالح هذه النخب في الوقت نفسه.



لن يحدث أي تقدم تجاه
الترسيخ الديمقراطي، وفقاً لنمط التحول
الإحلالي إلا إذا تضمنت المرحلة الانتقالية مفاوضات واتفاقات بين نخب النظام
التسلطي ونخب المعارضة. بيد أن هناك احتمالاً قوياً لأن يؤثر ذلك سلبياً على الديمقراطية.
مرد ذلك أن الاستقرار المستقبلي مؤسس على منح ضمانات للنخب الحاكمة القديمة لحماية
امتيازاتها ولمنع أية مساءلة عن أية جرائم خلال الحكم التسلطي. بالتالي، فإن
الاتفاقات والمواثيق بين النخب الحاكمة والنخب المعارضة قد
تقود إلى ديمقراطيات محدودة.



3. نمط الإحلال من
الدكتاتورية الى الديمقراطية



ترجع أسباب وجذور
النمط الإحلالي، في الغالب، إلى حدوث أزمة وطنية خطيرة لا يستطيع النظام التسلطي
حلها، وتؤدي إلى حدوث تعبئة جماهيرية واسعة النطاق ضد النظام. ويمثل هذا النمط
نوعاً من عملية الانتقال والتحول التي لا تهيمن عليها النخب. بدلاً من ذلك، يأتي
التغيير أساساً، على الأقل في بداياته، من الضغوطات
المنبثقة من القاعدة الشعبية، وتُرغم النخب على الخضوع
للإرادة الشعبية. بعبارة أخرى، فإن المطالب الشعبية هي التي تؤسس وتحرك هذا النمط
من عملية الانتقال، وليس المواثيق بين النخب ومثال واضح لذلك انتفاضة اكتوبر 1964م
وانتفاضة ابريل 1985م .



من غير المحتمل أن
يؤدي هذا النمط من الانتقال - حيث يؤدي الضغط الشعبي إلى إرغام النخب الحاكمة على
التخلي عن السلطة- إلى عملية ديمقراطية مستقرة. مرد
ذلك أن عدم وجود اتفاقات ومواثيق خلال مرحلة الانتقال يمثل عقبة كبيرة أمام بروز
أجواء الاعتدال والتصالح الضرورية لعملية ترسيخ الديمقراطية والمميزة لها.



وإنه من غير المحتمل
أن يؤدي تغيير النظم التسلطية عن طريق التعبئة الجماهيرية والضغوط الشعبية إلى
قيام نظم ديمقراطية مستقرة غالباً على العكس فهناك احتمال
لأن تنتكس النظم الجديدة وتحل محلها أشكال جديدة من النظم التسلطية ولكنها تكون قد
وضعت اساس للتحول الديمقراطي مستقبلاً.



4/نمط التدخل الأجنبي


يحدث هذا النمط من
عملية الانتقال نتيجة لتدخل قوى أجنبية. ومن أمثلة هذا النمط التدخل الأمريكي في
هايتي وبنما والصومال خلال تسعينيات القرن العشرين وفي العراق حالياً إضافة إلى
التدخل العسكري المباشر



و كان نفوذ البلدان
والمؤسسات الدولية المانحة للإعانات الاقتصادية قويا ومؤثراً في قرارات التحول
الديمقراطي في بعض النظم التسلطية الفقيرة. فخلال ثمانينيات وتسعينيات القرن
العشرين تدنت قدرات هذه البلدان الفقيرة على الحفاظ على برامج وسياسات محفزة
للتنمية الاقتصادية، وأصبح الكثير منها يعتمد بصورة متزايدة على إعانات وقروض
البلدان الغربية والمؤسسات الدولية المانحة التي طالبت البلدان الفقيرة بالشروع في عملية الدمقرطة كجزء من برنامج
متكامل للحكم الصالح الرشيد، وربطت استمرارية الإعانات الخارجية بموافقة النظم
التسلطية على البدء في عمليات الديمقراطية والإصلاح السياسي. بالإضافة إلى ذلك،
وفي مسار موازٍ، شجعت البلدان الغربية والمؤسسات الدولية هذه البلدان على وضع
سياسات وبرامج اقتصادية متوافقة مع نظام السوق والليبرالية الاقتصادية. وقع الحال
أنه، من خلال ضغوطات البلدان والمؤسسات الدولية المانحة، تم الضغط على النظم
التسلطية للتحرك في اتجاه الليبرالية الاقتصادية والسياسية والديمقراطية فيما أصبح
يعرف بالمشروطية الاقتصادية والمشروطية السياسية.



بيد أن الفاعلين
الخارجيين، مهما كانت درجة قوتهم الاقتصادية والسياسية والعسكرية، لا يستطيعون فرض
خياراتهم السياسية، ولمدة طويلة، على بلدان لا ترغب في ذلك. قد يؤدي التدخل
الأجنبي إلى تغيير التوازن لصالح عملية الديمقراطية، غير أن الديمقراطية لن تترسخ
وتزدهر إلا عندما تتوفر اشتراطات وعوامل داخلية محددة. ويمكن التدليل على ذلك من
تجربة البرتغال وأسبانيا واليونان التي تحولت إلى نظم ديمقراطية راسخة بصورة سريعة
خلال سبعينيات القرن العشرين. ففي الوقت الذي كان الدعم والتشجيع الخارجي، خاصة من
الجماعة الأوربية، مهماً ومؤثراً، فإن ترسيخ الديمقراطية اعتمد أساسا على الاتفاق
العام والإجماع الداخلي على تفضيل الديمقراطية على أية ترتيبات سياسية أخرى، وعلى
غياب أية انقسامات إثنية أو دينية أو طبقية خطيرة. يوحي
عدم توفر هذه الاشتراطات والعوامل في معظم بلدان أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا
بأن ترسيخ الديمقراطية سوف يكون أمراً صعباً وشاقاً.



على الرغم من وجود
العديد من الأمثلة المعاصرة على قيام الفاعلين الخارجين بتشجيع وتدعيم التحول
الديمقراطي، سواء عن طريق التدخل العسكري المباشر أو عن طريق الإعانات الاقتصادية،
فإن هناك أدلة قليلة على أن لهذه المبادرات تأثيراً قوياً على النواتج السياسية
النهائية.



تبين الأنماط
المختلفة لعمليات التحول الديمقراطي أن المسارات التي اتخذتها المجتمعات المختلفة
للوصول إلى الديمقراطية تختلف بشكل كبير. ففي بعض
المجتمعات كانت الديمقراطية، في الغالب، نتاجاً لتطورات داخلية، وتقدم المملكة
المتحدة النموذج الرئيس لما أطلق عليه "النموذج الخطى" للتطور من الحقوق
المدنية إلى الحقوق السياسية ثم الحقوق الاجتماعية، والتطور التدريجي للهيمنة
البرلمانية والحكومة الوزارية والتوسع التدريجي لحقوق التصويت والانتخاب عبر قرن
من الزمن. وهناك حالات مماثلة أخرى مثل سويسرا وأستراليا ونيوزيلندا.



في أماكن أخرى، كانت
العوامل الخارجية مؤثرة، وأحياناً حاسمة، خاصة بعد الهزيمة في حرب العالمية الاواى
والثانية ولقد حدث ذلك في العديد من
البلدان الأوربية بعد 1918 وفي اليابان بعد 1945، حيث فرضت الولايات المتحدة
الأمريكية المؤسسات والعمليات الديمقراطية الليبرالية. إضافة إلى ذلك، وحتى بدون
الهزيمة في حرب، شرعت بعض البلدان الأفريقية في عمليات الديمقراطية نتيجة للضغوط
الخارجية، والتي لم يكن من المحتمل، بدونها، أن تحدث عملية التحول الديمقراطي في
هذه البلدان وبهذه السرعة.



في مجتمعات أخرى،
كانت المفاوضات بين مختلف النخب أكثر تأثيراً من
الضغط الخارجي، كما حدث في أمريكا اللاتينية في ثمانينيات القرن العشرين. وتعطي
حالة جنوب أفريقيا مثالاً واضحاً عن ذلك، فعلى الرغم من أن المناقشات الجوهرية
والعلنية حول البنية الدستورية والسياسية المستقبلية لجنوب أفريقيا لم تبدأ إلا
بعد 1990، فإن الوثائق والمعلومات المتوفرة تبرز أهمية المفاوضات السرية بين
مانديلا وقيادات المؤتمر الوطني الأفريقي من جانب ومسؤولي ووزراء حكومة جنوب
أفريقيا من جانب آخر ما بين 1986 و1990، عندما كان مانديلا ما زال سجيناً. ولكن
ينبغي إد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://farahadam90.sudanforums.net
 
التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإصلاح السياسي على الطريقة الصوفية !!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شباب السودان المبدع  :: المنتدى العام :: المنتدي السياسي To the political forum from here-
انتقل الى: