٣.٣.٣ الحضارة الإسلامية حضارة إنسانية
لقد قررت تعاليم الدين الإسلامي أن الناس جميعاً سواسية في القيمة الإنسانية المشتركة وأنه لا فضل لإنسان على آخر إلا بكفايته وعمله وخلقه ودينه١٦. ولذا أعلنت أسس الحضارة الإسلامية المتمثلة في الآتي:
أنه لا فرق بين عرق وعرق، ولا لون ولون، ولا بين ناطق بلغة وناطق بأخرى، لمجرد اختلاف الأعراق أو الألوان أو اللغات. قال رسول الله P: "يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى، أبلغت ؟ قالوا : بلغ رسول الله P١٧".
وأن الناس كلهم متساوون في أصل الإنسانية، وإن اختلف أفرادهم في الخصائص والهبات الفكرية والنفسية والجسدية، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا { النساء:١. وقال رسول الله P: "إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي وفاجر شقي أنتم بنو آدم وآدم من تراب ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن١٨".
وإن اختلاف هذه الخصائص والهبات الربانية إنما هو أساس فقط لاختلاف المسؤوليات في الحياة وشرط طبيعي لتوزيع الأعمال١٩، قال تعالى: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ { الزخرف:٣٢.
وبهذا عملت الحضارة الإسلامية على نقل المجموعات البشرية من الدوائر الضيقة العنصرية والقومية والطبقية إلى أجواء فسيحة مملوءة بالتآخي، والتراحم والتسامح والتعاون.
مناقشة
ناقش مع زملائك عبر المنتدى مفهوم المساواة في التشريع الإسلامي والقوانين الوضعية ؟