ضابط من الجنوب وآخر من الشمال يجمعهما مخيم واحد في مشعر منى
باعد
قرار فصل السودان إلى دولتين بين صديقين كانا يعملان مع بعضهما البعض في
جبهة واحدة لمدة تزيد على 17 عاما، تولدت فيها أواصر صداقة قوية، لتشاء
الأقدار فيما بعد أن يجتمعا معا في مخيم واحد بمشعر منى أثناء تأديتهما
لمناسك حج هذا العام، ضمن بعثة سودانية تضم نحو 350 فردا، والتي تقدّم هبات
الحج لضباط وعائلات الشهداء في الحرب.
عبد الله بيتر جون، الذي ينتمي إلى قبيلة النوير التابعة لولاية الوحدة في
جنوب السودان، التقى صديقه محمد أحمد سعيد من كسلا بشرق السودان في مخيم
بوسط منى تابع لنقطة تجمع مخيمات معظم حجاج الدول العربية، وذلك بعد
تجردهما من لباسيهما العسكري كضابطين أثناء الوحدة وارتداء إحرام الحج.
ويقول جمال سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «لازمت صديقي جون في الجبهة على مدار
أكثر من 17 عاما كنا فيها نعم الأخين والصديقين، غير أن الأقدار شاءت أن
تفصل بيننا رغم ارتباط قلبينا مع بعضهما البعض، وقد أتينا الحج لهذا العام
معا بهبة من الحكومة السودانية التي تقدم هذه المنح لضباط الصف وأهالي
الشهداء».
وعلى الرغم من حالة الشد والجذب في العلاقة بين السودان والسودان الجنوبي،
فإن ما يربط بين هذين الصديقين اللذين أصبحا ينتميان إلى جيشين مختلفين لم
تنقطع، الأمر الذي جعلهما يعوضان فترة الغياب الخارج عن إرادتيهما بالذهاب
معا طيلة فترة الحج لتأدية المناسك معا.
جون بيتر يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن القرار السياسي بفصل السودان لم يؤثر في
حبه للبلاد ككل، خصوصا أنه متزوج من إحدى فتيات قبيلة المسيرية الشمالية،
والتي أنجبت له 5 من الأبناء والبنات، الأمر الذي جعله أخيرا يتخذ قرار عدم
العودة للجنوب، كونه عاش في شمال السودان وعشق أهله وتعلم في مدارسه، عدا
عن تقديم السلطات له بعثة الحج رغم انتمائه إلى الجنوب، بحسب قوله.
وكان آدم جماع المدير العام للحج والعمرة، قد أوضح لوكالة أنباء بلاده أن
جميع الحجاج السودانيين بمن فيهم المرضى وأصحاب الحاجات بصحة جيدة، حيث
تمكن هؤلاء من الوقوف بعرفة وفق ترتيب خاص بين بعثة الحج والجهات الصحية
السعودية عبر إسعافات خاصة حرصا من الهيئة على قضاء مناسكهم.
في حين أرجع الدكتور خليل عبد الله وزير الإرشاد المكلف، أسباب النجاح التي
صاحبت أعمال الحج في كافة مراحله، إلى التعاون والتنسيق الذي وصفه
بـ«اللصيق» بين مسؤولي الحج السودانيين والسلطات السعودية.
واستطرد بالقول: «إن جميع أعمال الحج لهذا العام ستخضع لتقويم شامل من أجل تطوير الأداء في الأعوام المقبلة».
الجدير بالذكر أن معظم الحجاج السودانيين خلال موسم هذا العام، كرروا
دعاءهم لقطاع النيلين بأن يمن الله عز وجل عليه بالرعاية والأمن والرخاء
والنصرة للسودان وشعبه، مؤكدين أن السياسة لا تؤثر مطلقا في انتمائهم
للبلاد ككل.
يشار إلى أن جنوب السودان كان قد أعلن استقلاله بناء على نتيجة استفتاء
تقرير المصير الذي أيد فيه الجنوبيون بنسبة ساحقة الانفصال في التاسع من
شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وذلك إنفاذا لاتفاق السلام الشامل عام
2005، والذي أنهى الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب.
وبحسب الكتاب الصادر من وزارة الإعلام، فإن السودان صار ترتيبه السادس عشر
من حيث المساحة بين دول العالم، والثاني في أفريقيا خلف الجزائر والثالث
عربيا خلف السعودية والجزائر أيضا.
الشرق الاوسط